Sunday, April 4, 2010

شرف بلد أسير غشاء


ما بين الحربين
كل كان يترقب الانتصار. النصر شرف
انتحر جنرالات أوروبا كرمى للهزيمة.انتهى أتاتورك من رسم خطوط
العلمانية ابتدأ العربان برسم خطوط التبعية الجديدة . لاح عهد استقلال
الشعوب العربية ..
لاحت انتصارات الوهم والهزائم الحقيقية ..
وحسبت النساء أنها تفجر التقاليد القديمة . حسبت أنها تفتق خيوط الغزل
الرديئة .. أرادت أن تهب الأرض الحرية المفقودة ..
كل كان يتوق إلى الحرية.
التحرر شرف.
الأرض كانت آلهة الشرف

---------

عام 1985
سألها: ما تعريفك للشرف؟
تسألها؟
نحن الإناث الشرقيات لم نملك يوماً التعاريف
قدرنا كان جاهزاً. شرفنا كان مكتوباً
سلبنا براءة طفولة وشقاوة مراهقة. قد غابتا وسط ترقب وقلق وعقدة غشاء
بل شباك متشابكة واهية من الأغشية والأغشية
هذا غشاء عرف، وذاك غشاء عيب. هذا غشاء مطاط، وذاك غشاء رقيق،
وآخر سميك..
وانتظر الجميع لحظة الإدانة أو المفاخرة
فبعد أن بيعت الأوطان. ومررنا بوهم الاستقلال، وتعلمنا أن المكسب مفهوم
للخسارة بعض الأحيان
بحثوا عن عرض بديل.
عن خصوبة يذودون عنها.
وبديل الأنثى أنثى مثلها.
بديل الأرض امرأة
استبدلت الأوطان بأغشية بكارة النسوان
هو يقتل إن وطئت أرضه أقدام الغريب. يسيح الدماء إن فتق بكارتنا الغريب
وقبل سنين كان يقتل ليغزو ويدنس أراضي الغريب.
وتهون العروش ودماء الفحول أمام سبي نساء الغريب وتسألها عن معنى
الشرف؟
نحن لم نملك يوماً التعاريف انتظر الجميع منا الدماء.
كم أنهم متعطشون للدماء لم يحك للأنوثة عن أهمية الاختراع .
عما وراء السماء والأجرام ..
عن ثورة العبيد ..
عن تاريخ الثورات ..
عن باطن الأرض والأفلاك ..
نص العرف والقانون على أن البكارة منبع ومهبط الأخلاق
وحلمت هي أن ترتدي الطرحة البيضاء. حلمت أن ترفع رأس الرجال
بقطراتها الحمراء قبلت أن تكون تعويضاً عن انتكاسة الأغبياء.
وحين أخطأت يوماً وغرقت بالوحل مشت، بكيت، مشت تبكي كثيرا
فقد خدشت شرف المجتمع، وشرف الشوارب والعضلات.
هي الملامة وليس الشارب الذي خان قانونه الوضيع .

-----------

عام 2008
مرة. قبل أن تخرج من القمقم، كانت تودعه. دارت بينهما هذه النهايات..
نهايات صريحة، الغش فقط في البدايات ..
- وتقولون لماذا تتعلقون بالأجنبيات. أنت لا تملكين مفتاح جسدك، سأرحل
عنك.
- هل تتزوجني إن وهبتك بكارتي؟
- الزواج يخنق الحرية، ما تسمينه بكارة إنما هو غشاء تافه لا علاقة له
بطهرك. عقلك ميزانك ، جسدك ليس معيارا لقياس خلقك .
- مفتاح أخلاقي بيد المجتمع، بيدك، أنت رجل، أنت من صمم لي هذه الحياة
علي انتظار البياض أولاً..
- هذه فكاهات قديمة، تجاوزيها.
- أنت من كتبها في القديم. أنت من حدد معنى الشرف، وتستثنيه لنشوة !
لماذا تحب الحرام؟
- أتسمين حاجاتك الداخلية حراما، عشت سنين في الغرب وتطبعت بطباع
لا تدركينها في عالمك المتأخر.
- هل العذرية قيمة متخلفة بنظر الليبرالية؟
- نعم.
- في الغرب المتحرر يتزوج الرجل صديقته. لكن هل سيتزوجها الليبرالي هنا.
- كل الأمور تربطينها بالزواج.
- هل تكون منتصراً في فتح حصده غيرك؟
- ستنضجين يوماً حين ترين الدنيا بمنظار جديد. حر طليق. مازلت محاصرة
بأوهام التخلف المجتمعي .
- حبيبي السابق أخبرني العكس..
- السابق؟ كم عدد الرجال الذين تعرفت إليهم في حياتك؟
- مماثل لعدد الرجال الذين عرفتهم شقيقتك.
- مستحيل.
- ما مقياسك لشرفها.
- هي ساذجة ولم يلمسها سوى زوجها
- ساذجة أم شريفة؟
- كم عدد الرجال الذين تعرفت إليهم في حياتك؟
- حسناً مماثل لعدد النساء اللواتي جمعتهن.
- لم أكن أعلم أنك متساهلة
- فما بال القادم من الغرب؟
- أهذه هي الحرية بنظرك؟ إباحية وتعددية؟ أنا ليبرالي، لكنك
امرأة. ومجتمعنا له حساباته. النظرة القديمة لم تتغير. أما وضعي
فمختلف، أنا رجل.
- وهل كتبت الأخلاق على النساء دون الرجال؟
- لا يحق لك التمادي بالتفكير.
- لماذا؟ ألأنك تملك شارباً؟
- ألا تتعبين من الجدل؟
- حسنا تعبت، أعطني كأساً. هل يحق لي أن أشرب الكؤوس؟
- لا، هذا مناف للقيم.
- وكيف تشرب أنت حتى الثمالة، ألم تقل في بداية حديثنا أني
متخلفة، أريد مشاطرتك التقدم .
- أنا رجل، انت امرأة.
- إذا كنت تؤمن أيها القادم من العلياء بأن للرجال حقوقا في
الانحراف والاستغراق بالملذات لا تملكها النساء، فكيف تريدني
أن أنحرف وأمنحك شرف مجتمع بأكمله، عذريتي؟
- هناك أمور لا تفهمينها، ناقصة عقل. وبصراحة لا يرضيني أن
تكون حبيبتي متساهلة.
- وهل سيرضى الشرقي الذي يأتي بعدك حين يعلم بأني تساهلت
معك؟ في البداية تتركني لتخلفي والآن لسبب تحرري.
-علينا الفراق.
- بقيت عذراء وهذه طعنتك. هناك مجريات بدايات أخرى، في مكان
آخر هناك تمثيليات. على ضوء عمليات الفتق والرتق الدارجة عربياً
تخدعه على استحياء بأنه الأول في حياتها، فيما يفاخر بماضي تمزيقه
لأغشية العذارى. تستمع لقصصه مندهشة من عجائب الحياة خارج أسوار
منزلها العتيدة.
-أحقاً، الفتيات يفعلن ذلك؟
-نعم أيتها الفاضلة، سكنت بحمى أبيك ماذا تعلمين عن الدنيا يا حبيبتي؟
يكمل سيرته الذاتية أمامها، يفاخر بتاريخ كادت لتكون إحدى لبناته لولا
الصدفة التي لم تجمعهما يوما على فراش.البكارة شبكة نفسية أكثر منها
مادية خطط لها كسير أدمن داء الغزوات، ابتكرها لإشعاره أنه ما زال
يحيا مجد الوحشية وسيول الدماء. حتى عمليات الفتق والرتق تمنحه هذا
الشعور.لو كان للموضوع صلة بالشرف لاخترعوا أداة تحكم على بكارة
الرجل. حين يدنس جسد المرأة ينهار شرف بلد، ففي عرفنا الشرف هو فتاة
حافظت على بكارتها وإن كانت أدنس الشيطانات. ويقول التقليد المحلي ان
الفتاة التي لم تمنح الرجل جسدها من الداخل لم تمنحه نفسها مهما بلغ حجم
عاطفتها تجاهه.هل ينهار شرف النساء حين يدنس جسد الرجل؟هل للنساء
شرف؟ أم أن النساء أداة لتثبيت شرف الرجال.هل السلام شرف؟ هل يقبل
المتحررون أن تكون أخلاق النساء في عقولهن وليس (.....)؟
ليس في الحديث عن البكارة والعذرية دعوات ضرورية لتمزيقها، بل للبحث
عن أحقية من يملك معيار القيم، معيار الأخلاق. من يملك معيار الشرف.



نادين البدير
كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه